الابتزاز الإلكتروني قد يدفع الشخص إلى الانتحار، مثلما حدث مع فتاة محافظة الغربية في مصر؛ ذلك الخبر الذي انتشر سريعًا بانتحار فتاة بسبب ابتزاز شابين لها إلكترونيًا، وأيضًا قصة الأم وابنتها اللتين تعرضتا للابتزاز الإلكتروني من أحد الأشخاص على الإنترنت

الابتزاز الإلكتروني قد يدفع الشخص إلى الانتحار، مثلما حدث مع فتاة محافظة الغربية في مصر؛ ذلك الخبر الذي انتشر سريعًا بانتحار فتاة بسبب ابتزاز شابين لها إلكترونيًا، وأيضًا قصة الأم وابنتها اللتين تعرضتا للابتزاز الإلكتروني من أحد الأشخاص على الإنترنت، الأمر الذي بدأ بالتنمر الإلكتروني على الابنة ثم انتهى بالابتزاز ونشر صور وفيديوهات مفبركة للفتاة، وهو ما جعلني أفكر كيف نحمي أطفالنا وفتياتنا -خاصة المراهقين والمراهقات- من ابتزاز الآخرين لهم؟! وكيفية التصرف عند حدوث الأمر فعليًا؟! وما هي أشكال الابتزاز الإلكتروني؟!

ما هو الابتزاز الإلكتروني؟!

الابتزاز الإلكتروني هو انتهاك خصوصية الفرد من خلال التهديد النفسي والمادي للأطفال أو المراهقين عبر الإنترنت؛ ما يجعل حياة الضحية جحيمًا، ولا يجيد التفكير في حل سوى التخلص من هذا القلق والضغط النفسي بالاستجابة للمبتز.

والمؤسف في الأمر أن الابتزاز الإلكتروني لا ينتهي دون تدخل، حيث تشير الإحصائيات أن الابتزاز الإلكتروني يتطور، ويميل الشخص الذي يبتز الأفراد إلى تصعيد الموقف في أكثر من 75% من الحالات.

وإذا تعرض ابنك/ ابنتك المراهقة للابتزاز الإلكتروني، فمن الصعب تحديد هوية الشخص؛ لأنه في أغلب الأمر يخفيها، بينما في بعض الأحيان يكون الشخص الذي يقوم بابتزاز ومساومة ابنك/ ابنتك المراهقة عبر الإنترنت شخصًا يعرفه، مثل صديق سابق أو شخص كانت تربطه به علاقة حب أو خطوبة، أو قد يكون من أحد أفراد العائلة، أو زميل عمل، أو شخصًا غريبًا لا يعرفه تمامًا.

أساليب الابتزاز الإلكتروني؟!

قد يكون من الصعب التعرف على الشخص الذي يبتز طفلك، ومن المفزع أن المبتزين يستخدمون أساليب بارعة في الابتزاز والتهديد، كالتهديد بفبركة صورهم ونشر أشياء منافية للأخلاق على هذه الصور، أو ابتزازهم مقابل إقامة علاقة غير مشروعة معهم.

فكيف يحدث هذا الأمر؟! يلاحق الشخص الذي يستخدم هذا الأسلوب الأطفال والمراهقين من خلال الانضمام إلى مجموعات محددة على الإنترنت، ويبدأ بمتابعتهم ومتابعة ردودهم، أو قد يخصهم بالذكر في إحدى التعليقات على تلك المجموعات، ويبدأ في مناقشتهم وإظهار التعاطف معهم بما يناسب محتوى المنشور، ثم يبدأ في محادثتهم بشكل خاص من خلال الرسائل، أو قد ينشئ حسابًا وهميًا ويراسل ابنك ويبدأ في الحديث معه، وقد يرسل صورًا جنسية صريحة لطفلك أو ابنتك، ويبدأ في مراسلتهما وملاحقتهما.

وقد يستخدم أسلوبًا آخر لابتزاز ابنتك المراهقة والسيطرة عليها، بمساومتها إن لم تستجيب لطلباته، كدفع مبلغ محدد من المال، أو إقامة علاقة غير مشروعة، أو أن ينشر فيديوهات مفبركة ويرسلها لأهلها وأصدقائها كوسيلة ضغط عليها.

ومن الطرق أيضًا اختراق حساب الشخص الإلكتروني، ثم انتحال شخصيته وإرسال رسائل لأصدقائه يطلب فيها اقتراض مبلغ مالي، أو أي سؤال يتعلق برقم حسابه البنكي، وما يفعله الجاني في هذه الحالة هو محاولة جمع عدد من المعلومات وربطها مع بعض وجني بعض الأموال، ويبدأ في مساومة الشخص بدفع مبلغ مالي مقابل استعادة حسابه الشخصي.

تشمل بعض أساليب الابتزاز الإلكتروني التهديد بنشر المعلومات الشخصية الخاصة بطفلك/ ابنتك عبر الإنترنت، حتى إن بعض الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت سيتتبعون ابنك/ ابنتك المراهقة عن طريق اختراق أجهزتهم أو كاميراتهم.

وتكون المضايقات والتهديد عبر الإنترنت مثيرًا للتجربة عند بعض الأفراد؛ لأنه أسهل من المضايقات على أرض الواقع، فلا يتعين على الفرد مواجهة هدفه شخصيًا.

أنواع الابتزاز الإلكتروني:

تتعدد أنواع الابتزاز الإلكتروني، فمنها ابتزاز مادي أو جنسي، أو ابتزاز للحصول على منفعة.

ويكون الابتزاز المادي بطلب مبلغ من المال مقابل التوقف عن التهديد، والابتزاز الجنسي بإجبار الشخص على القيام بأشياء منافية للأخلاق أو إرسال فيديوهات جنسية له مفبركة، أو أن يرسل الجاني صورًا جنسية صريحة له، وابتزاز المنفعة يكون بتهديد الفرد بتقديم خدمات مشروعة أو غير مشروعة مقابل عدم نشر فيديوهات أو معلومات سرية عنه.

ويعد الابتزاز الإلكتروني هو الشكل الأكثر تطرفًا للتنمر الإلكتروني، ولكن كيف يختلف التنمر الإلكتروني عن أشكال التنمر الأخرى؟!

التنمر هو سلوك متكرر يهدف إلى إيقاع الأذى على فرد أو أكثر بدنيًا أو نفسيًا أو عاطفيًا أو لفظيًا، ويتضمن كذلك التهديد بالأذى البدني أو الجسمي بالسلاح أو الابتزاز، أو مخالفة الحقوق المدنية، أو الاعتداء والضرب، أو العمل ضمن عصابات ومحاولات القتل أو التهديد، كما يضاف إلى ذلك التحرش الجنسي.

بينما التنمر الإلكتروني أكثر إزعاجًا بسبب طبيعته العلنية وسرعة انتشاره، وصعوبة إزالة المنشورات أو التعليقات التي يتنمر فيها الجاني، وعدم وضوح هوية الجاني، كما يمكن الوصول إلى المحتوى الذي يتنمر به الشخص على طفلك من خلال محركات البحث؛ ما يجعل الأمر أكثر صعوبة في مواجهة التنمر الإلكتروني والهروب منه، خاصة إذا كان الفرد ممن يستخدمون التكنولوجيا في حياتهم اليومية.

علامات تعرض الأطفال للتنمر أو الابتزاز الإلكتروني:

- الشعور بالضيق أثناء أو بعد استخدام الإنترنت أو الهاتف.

- قضاء وقت أطول من المعتاد في غرفهم بمفردهم، وعدم الرغبة في الاشتراك في الأنشطة مع الأقران أو أفراد الأسرة.

- سرعة الغضب، على عكس طبيعة الطفل.

- تغيرات في المزاج أو السلوك أو النوم أو الشهية.

- عدم الرغبة في استخدام الإنترنت أو الهاتف، على عكس طبيعة الطفل أو المراهق.

- التوتر والعصبية عند تلقي رسالة نصية أو بريد إلكتروني.

- عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة.

- اللجوء إلى العزلة والشعور بالخوف.

- ضعف التركيز.

- ظهور علامات الاكتئاب على الطفل.

- ضعف الثقة بالنفس؛ ما قد يؤدي إلى الانتحار في الحالات القصوى.

آثار التنمر والابتزاز الإلكتروني:

تتشابه آثار التنمر الإلكتروني مع آثار التنمر على أرض الواقع، لكن الاختلاف الرئيس هو أنه من الصعب تجنبه؛ لأنه يمكن تتبع الطفل ومطاردته بين حسابات أصدقائه ومدرسته. ما يشعر الطفل بأنه لا يستطيع الهروب أو مواجهة هذا التنمر. فتأكد من طمأنة طفلك بأن هناك حلولاً للتعامل مع التنمر الإلكتروني.

كما أثبتت بعض الدراسات أن الابتزاز الإلكتروني يمثل تحديًا كبيرًا على صحة الفرد؛ ما قد يصل الأمر إلى بعض الأفكار الانتحارية وإيذاء النفس، والسلوك المعادي للمجتمع، والقلق والاكتئاب.

لماذا يرفض الطفل أو المراهق إبلاغ الوالدين بتعرضه للابتزاز الإلكتروني؟!

واحد من كل عشرة أفراد فقط هم من يبلغون أحد الوالدين أو شخصًا بالغًا موثوقًا به بتعرضهم للابتزاز الإلكتروني، وانخفاض تلك النسبة ترجع إلى تجنب شعورهم بالإحراج، أو الخوف من عدم تصديق الأهل لهم، أو الخوف من التقليل من أهمية المشكلة، أو حرمانهم من استخدام الإنترنت.

بينما يمكنك اتخاذ خطوات وقائية لتثقيف طفلك حول ما يمكنه فعله بشأن الابتزاز الإلكتروني وكيفية التصرف، وكيف يحصل على الدعم.

كيف تحمي طفلك من الابتزاز الإلكتروني قبل حدوثه؟!

- تأكد أن طفلك لا يتحدث مع الغرباء على الإنترنت، ولا يتواصل مع أشخاص لا يعرفهم في الواقع.

- تأكد من ضبط إعدادات الخصوصية على جميع حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بطفلك.

- تأكد من أن طفلك يعلم ضرورة عدم مشاركة كلمة المرور الخاصة بحساباته لأي شخص، بما فيهم أصدقاؤه.

- تأكد من أن طفلك يعرف كيفية حظر أو حذف أو الإبلاغ عن أي شخص يضايقه عبر الإنترنت.

- تأكد أن طفلك يعلم خطورة فتح أي رابط يرسل له حتى من أصدقائه أو أقاربه، إلا بعد الرجوع إليك.

- التأكيد على الفتيات المراهقات بعدم التقاط صور لهن دون الحجاب الشرعي، وعدم مشاركتها مع أحد أيًا كان، ولو مع صديقاتهن من الفتيات، وعدم تركها على الهاتف؛ لأنه إذا حدث واخترق أحد الهاتف فسوف ينشر هذه الصور.

- عدم نشر صورهن الشخصية على حسابات التواصل الاجتماعي.

ماذا يمكنني أن أفعل حيال الابتزاز الإلكتروني؟!

للأطفال والمراهقين:

في بعض الأحيان لا يعلم الطفل أنه يتعرض للتنمر الإلكتروني أو الابتزاز الإلكتروني، ولا يخبر أحدًا بذلك حتى يزداد الأمر سوءًا، فإذا كنت تتعرض للتنمر أو المضايقة أو الابتزاز الإلكتروني، فلا تعانِ في صمت، عليك التالي:

أخبر أحدًا:

أول ما عليك فعله هو إخبار شخص بالغ تثق به، ولا تكتفِ بإخبار صديقك وتحاولا السيطرة على الأمر معًا، فمهما كان عمركما، فلن تستطيعا التصرف الصحيح مع شخص يستخدم الألاعيب والتهديدات والابتزاز معكما. أعلم أن الأمر قد يسبب لك الحرج في إخبار أحد الوالدين أو الخوف من انتشار الصور بشكل أكبر، ولكن الحل هو معرفة الأهل لعمل بلاغ في قسم الشرطة حتى يتمكنوا من تتبع الشخص الذي يبتزك ويكشفوا عن هويته.

لا تظهر ضعفك:

احذر أن تظهر ضعفك للشخص الذي يبتزك، حتى لا يتمادى في الأمر، ولا تستجب لأي أمر من أوامره.

الإبلاغ عنه:

يمكنك الإبلاغ عنه إذا كان يهددك باستخدام حساب الفيسبوك بنشر صورك، لكن قبلها تأكد أصلاً من أنه يمتلك صورك؛ حيث توفر وسائل التواصل الاجتماعي إمكانية الإبلاغ عن تعرضك للابتزاز المادي أو الجنسي أو المضايقات من خلال الإبلاغ عن صاحب الحساب.

الخطوات:

 

- الدخول إلى إعدادات الفيسبوك.

-  ثم اختيار الإبلاغ عن شخص.

- ثم تحديد سبب الإبلاغ، سواء أكان تهديدًا أم ابتزازًا أم مضايقة، ثم تختار نوع الابتزاز (سواء أكان شخصًا ما يطلب أموالاً، أم شخصًا ما يطلب صورًا أو مقاطع فيديو حميمية، أم شخصًا ما يهددني بمشاركة صورة حميمية أو فيديو حميمي).

- ثم اختر نعم أرغب بالإبلاغ عن رسالة. ثم انسخ مضمون الرسالة.

- وبعد التأكد من صحة البلاغ يتم حذف حسابه.

- تأكد من ملء نموذج الابتزاز من خلال جهاز كمبيوتر أو متصفح هاتف، مع التأكد من فتح حسابك في المتصفح.

رابط النموذج:

https://m.facebook.com/help/contact/567360146613371

- تغيير كلمة السر:

- قم بتغيير كلمة السر الخاصة بك لكل حساباتك حتى لا يخترقها.

الإبلاغ عن الابتزاز:

أخبر والديك حتى يتمكنا من الإبلاغ عن الابتزاز، سواء بالاتصال على الخط الساخن الخاص ببلدك المخصص لجرائم الابتزاز، أم إبلاغ إدارة مباحث مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات.

احتفظ بدليل إدانته:

- لا تمسح أي رسائل أرسلها لك، أو تهديدات صوتية لتكون دليل إدانته.

لا تجادل الشخص الذي يبتزك:

قاوم الرغبة في الانتقام أو الرد، واحتفظ بأدلة على الابتزاز أو التنمر، لا تحتفظ بها على رسالة البريد الإلكتروني، ولكن اطلب من أحد الوالدين الاحتفاظ بها على الكمبيوتر المحمول أو على قرص مضغوط أو ذاكرة خارجية.

كيف يمكن للوالدين المساعدة؟!

- قدم الدعم لطفلك:

قد يساعد التحدث عن أي تجارب تنمر أو ابتزاز سابقة قد مررت بها في طفولتك على تقليل شعور طفلك بالوحدة.

- لا تلم طفلك الآن:

دع طفلك يعرف أنه ليس خطأه، بل إنه خطأ المتنمر، امدح طفلك على شجاعته للتحدث إليك، ثم طمأن طفلك أنك سوف تكتشف ما يجب عليك فعله.

- قدم بلاغًا عن الابتزاز الإلكتروني:

قدم بلاغًا عن تعرض طفلك للابتزاز الإلكتروني لسرعة الكشف عن هوية الجاني.

انصح طفلك/ أو ابنتك بالتالي:

- عدم مشاركة الناس -حتى المقربين- بالأسرار الشخصية والصور إن لم تكن مقبولة ضمن المعايير العامة.

- عدم قبول أي طلب صداقة من أشخاص لا يعرفهم على أرض الواقع.

- عدم الضغط على أي رابط أو إعلان أو خبر وبه رابط من الصفحات غير الموثوقة؛ فهذا فخ لإيقاع أكبر قدر من الأشخاص للابتزاز.

- عدم نشر معلومات خاصة بالعائلة، ومحل السكن، أو تصوير فيديوهات توضح المنزل وشكل الغرف؛ حتى لا يتمكن أحد من تتبعه وإيذائه.

- التحدث مع طفلك عن الرقابة الذاتية، وأن الله رقيب عليه وعلى أفعاله وأقواله، بدلًا من مراقبته فعليًا.

- تعديل خصائص المتصفحات لمنع الروابط الخارجية، ومنع المواقع غير الموثوق بها، أيضًا من خلال استخدام مضادات الفيروسات لحماية جهازك من الاختراق.

- عدم تحميل أي تطبيق غير موثوق به، إلا بعد الرجوع للوالدين.

- زيادة الروابط بينك وبين طفلك -وخاصة ابنتك-، لتعلم ماذا تفعل على الإنترنت، وكيف تقضي وقتها ومع من تتحدث؟!

- إشباع حاجة الأطفال العاطفية والنفسية، حتى لا يبحثوا عن إشباع تلك الحاجات مع الغرباء من خلال الإنترنت.

- رفع وعي الأطفال بمخاطر الإنترنت فيما يتعلق بالخصوصية وأدوات الاختراق، وكيفية حماية حساباتهم.

- بعض وسائل التواصل الاجتماعي بها خاصية حظر الرسائل النصية إلكترونيًا من أشخاص محددة. فيمكن لطفلك استخدامها وعدم الرد على رسائل الـ others.

-----------------

المصادر:

Cyber bulling.

18 tips to stop cyber bulling.

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة