كتاب صغير في حجمه، كبير في محتواه، يشير فيه الكاتب إلى ما وقف عليه من أخطر الآفات التي قد يتعرض لها الدعاة في طريق الدعوة إلى الله؛ ما يهدد مساعيهم أو يهدرها، ويصد الناس عنهم.

عنوان الكتاب: زغل الدعاة

المؤلف: د. سعيد بن ناصر الغامدي

عدد الصفحات 112 صفحة.

 

ملخص الكتاب:

كتاب صغير في حجمه، كبير في محتواه، يشير فيه الكاتب إلى ما وقف عليه من أخطر الآفات التي قد يتعرض لها الدعاة في طريق الدعوة إلى الله؛ ما يهدد مساعيهم أو يهدرها، ويصد الناس عنهم.

المقدمة:

ذكر الباحث أن هذا الكتاب مـقـتـبس من عنوان رسالة للحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي -رحمه الله- سماها «زغل العلم»، ذكـر فـيـهـا ما يعاب على أهل الفنون وما ينتـقـد على أصحاب المذاهب، مع ذكـره لمحاسنهم وثنائه على مناقبهم، وتنبيـهـه على ما ينبغي لهم أن يتـر فـعـوا عنه من الأخطاء والزلات العلمـيـة والـعـمـليـة.

وعـلـى مـنـوالـه نـسـج هـذا الكتاب؛ لأن الدعاة في حاجة إلى تبصيرهم بعيوبهم وإن رجحت عليها المحاسن، وتذكيرهم بسلبياتهم وإن غلبت عليها الإيجابيات.

تناول الباحث في هذا الكتاب الآفات التالية:

احتكار الصواب:

بيّن الباحث أن بعض الدعاة يشتط في نقده لإخوانه، ويتجانف بعضهم لعدوان في الحكم بـتـبـديـع أو تفـسيق أو تضليل في مسائل اجتهادية تقبل تعدد وجهات النظر ويسوغ فيها الاختلاف، أما مسائل أصول الدين وكلياته وقواعده وأركانه فليست من هذا الباب، وليست المقصـودة في هذا المقام؛ لكونها من جلیل مسائل الدين، وكذلك ما كان من أمور الدين الظاهرة المتواترة: كـوجـوب بر الوالدين وتحـريـم شـرب الخمر والربا، وكذلك ما كان معلومًا من الدين بالضرورة.

ثم وضّح الباحث مقصده بقوله: "أما الذي نحن بصدده فهي مسائل الفروع التي يسوغ فيها الاجتهاد، ويقع فيها الاختلاف، فلا ريب أن المسلم متعبد بما يعتقده حقًا إذا قام البرهان عنده على كونه كذلك، ولكن ذلك لا يسوغ له أن يحتكر الصواب لنفسه أو فئته أو شيخه أو مذهبه؛ بحيث يقوم بالتثريب على مخالفيه، ويرفع ألوية التشنيع على من رأى غير رأيه، وقال بغير قوله.

وما أسميناه هنا باحتكار الصواب هو ما سماه العلماء في السابق تعصبًا، ويستوي في ذلك التعصب المذهبي أو اللامذهبي، أو التـعـصـب للشـيـوخ، أو للقـادة، أو للكتب، أو للمناهج الدعوية.

وذكر الباحث أن من ألـوان احتكار الصـواب والتـعـصـب أن تجـد من يجرؤ على الزعم بأن فئته أو مذهبه أو أتباع الشيخ الفلاني هم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، ومن عداهم ممن هم في إطار أهل السنة والجماعة بالحقيقة لا بالادعاء يراهم -بسبب تعصبه ونظرته المحتكرة– أنهم خارج إطار أهل السنة، بل ربما صرح بأنهم من الفرق الهالكة، نسأل الله العافية والسلامة.

المبالغة:

هنا بيّن الباحث: إذا كانت المبـالـغـة سـلبـيـة خلـقـيـة في كل الناس؛ فهي لأطباء الـنـفـوس وخـبـراء الخير والحق والفضيلة -الدعـاة والعلماء ونبلاء المسلمين- مرض خلقي خطير، وثغرة كبيرة في جـدار بنيانهم؛ لأنهم هم ملح البلد، ومن يصلح الملح إذا الملح فسد؟!

ثم عدد الكاتب أسبابًا للمبالغة، وهي كالتالي:

 1 - عجز الإنسان عن رؤية الواقع كما هو عليه: إمـا لـقـصـور في إدراكه، أو لغلبة نوازع الذات والنفس المستعلية.

۲ - الافتقار إلى روح الموضوعية: التي هي سمة من سمات أهل الاعتدال والإنصاف، قيامًا بالحق والـعـدل على نفسه والآخرين.

3 - إدخـال الأهواء والعـواطف في النظر إلى الدعاة وأعمالهم: فإذا تدخلت الأهواء اهتزت الموازين، واضطربت الحقائق في نفس صاحب الـهـوى، حتى تهوي به بعيدًا عن الحقيقة واليقين، وكذلك إذا تدخلت العواطف.

4 - فقدان الاتزان والاعتدال والتكامل: ومن أعظم نعـم الله على الإنسان في عقله وعاطفته أن يكون سـويًا مـعـتـدلاً، لا إفراط ولا تفريط، يعطي كل مقام حقه. وأحسن نموذج لهذا هو نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

هـ - ضعف ضبط النفس: ومن خف ضبطه لنفسه جرجرته، وانفلتت به في وحول المبالغة أو التقصير بحسب الرغبة والهـوى، لا بحسب ما يقتضيه الحال من صدق ودقة وواقعية.

6 - العقلية الانفعالية الاندفاعية: الملاحظ في أحوال الناس أن الحليم المتأني أقرب إلى الدقة والموضـوعـيـة فـي أقـواله وأحكامه، وأن الطائش الهـائج أقرب إلى المبالغـة والـوكس والشطط.

۷ - وزن الأمور بموازين ذاتية: هناك أمور تخضع للموازين الذاتية؛ إذ ليس لها شرط موضوعي، كالأمور الجمالية والقضايا الذوقية مادامت في دائرة المباح، فـفـلان يحب اللون الفلاني، أو يأنس لـصـوت القارئ الفلاني دون غيره، أو تعجبه رائحة عطر ما، أو يميل لطعام أو شراب معين أكثر من غيرهما ونحو ذلك، فلا تثريب في هذه وأضـرابـهـا؛ لأن شـرطها وقـاعـدتـهـا ذاتيـة ولـيـست موضوعية.

۸ - التهاون والاستخفاف بالحقيقة.

۹- التهاون والاستخفاف بالآخرين: من أسباب المبالغة أن الشخص المبالغ ينظر إلى الآخرين بعين الازدراء والنقصان ولو بشكل ضمني غير مقصود، ودليل ذلك هذا التـهـويل والتضخيم.

۱۰ – حب التفاخر والتباهي: والمقصود أن الفخر من أسباب المبالغة، وهذا يكثر -إضـافة إلى من ذكـرنـا أنفـًا- في أبناء القـبـائـل وأصـحـاب البـيـوتات الرفـيـعـة عند الناس، وذوي المناصب الدينية، وظواهر التباهي والمبالغة عديدة، تبدأ من التصورات والأفكار، وتنتهي إلى التصرفات والعبارات.

11 - الميل نحو أحلام اليقظة: يقول الباحث: أعرف من يطمح أن يكون مـؤلـفـًا شـهـيـرًا ، وهو في الحقيقة لا يمتلك القدرة على ذلك لا وهبًا ولا كسبًا، ولا يزال يحدث نفسه بذلك ويسترسل مع أمانيه، فإذا وجد فرصة مناسبة للكلام عن قضية كان قد سمعها أو قرأها اهتبل ذلك تلقائيًا، وذكر بأنه قد كتب في هذا الموضوع كتابة مفصلة جيدة، ولكن الكراس ضاع منه يا للأسف!!

العاطفية المتطرفة:

بيّن الباحث أن صـاحب الـعـاطـفـة المتطرفة، يرى من المحاسن والفضائل الشيء الكثير، فإذا غضب أو تغير مزاجه النفسي طمس كل تلك المحاسن، وألغى كل تلك الفـضـائل.

أما الخلاف في الأشخاص فما أوسع جولات العاطفة وصولاتها فيه، فهذا يحب شيخًا أو قائدًا أو مؤلفًا، فيضفي عليه من صفات التبجيل والتضخيم ما يجعله لا يسامى ولا يضارع، وهذا يختلف مع شيخ أو قائد أو يخالفه في منهج أو أسلوب، فيرمي عليه من عبارات الجرح والطعن ما يخجل.

ونقل الباحث أن علماء الإسلام ترسموا المنهج المتزن، فها هو ابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول: «ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعًا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حـسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان، قـد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته في قلوب المسلمين».

فـما أحـوج دعـاة هذا العـصـر إلى هذه القـاعـدة السنية الجليلة أن يـفـهـمـوهـا ويـنفـذوها في واقع تـعـامـلاتـهـم مع بعضهم، بدلاً من التطاول في هدم بنيان بعضهم، وتسفيه أحلام بعضهم، وتشويه أعمال بعضهم، وبدلاً من التطاحن السخيف الذي يفرح العدو ويحزن أولياء الله.

ضعف التخطيط والإدارة:

يذكر الباحث أن العالم الغربي قد تقدم في أمور العلم التجريبي والتقنية، فمما لا شك فيه أنه قد واكب هذا التقدم وسابقه تقدم آخـر يتمثل في إتقان التخطيط والإدارة، وفي الجهة المقابلة إذا نظرنا إلى العالم الإسلامي فإننا نجد أنه قد واكب تخلفه المادي تخلف إداري مفجع من أعلى قممه إلى أدنى مستوياته، وما يحس به الإنسان العادي من تعقيد إداري في مراجعاته اليومية ليس إلا دليلاً من أدلة كثيرة على رسوخ ظاهرة التخلف الإداري، فإذا انتقلنا بأنظارنا إلى الـدعـاة الذين هم الأمل بـعـد الله في إنقاذ الأمة من سـائر علـلهـا وأدوائها؛ فإننا نجد لديهم –ويا للحسرة– من أنواع الضعف الإداري ما يندى له الجبين، ويتفطر له الفؤاد.

وهنا يرى الباحث أنه جدير بدعاة الإسلام -وهم يريدون قيادة الناس ومقاومة الفساد ومعاندة الكفر ومعاكسة تيارات الانحراف- أن يكونوا مع إيمانهم ورسوخهم العلمي، وحماسهم اللاهب، وخبراتهم الميدانية، وخلطتهم الاجتماعية؛ أهل دراية إدارية؛ لأن الأمة في حاجة إلى جيل منقذ يمارس خدمة الإسلام بأرقى أساليب التخطيط والإدارة.

الصحراوية الروحية:

يذكر الباحث إن مما يثلج الصـدر أن يرى المسـلـم شـيـوع منهج السلف وانتـشـار مذهب أهل السنة والجـمـاعـة بين شـبـاب الصـحـوة، إلا أن مما ينغـص هذه الفـرحـة ظهـور عـلائم يبوسة وكنودة يخشى معها أن تكون من أمارات ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "أول شـيء يرفع من هذه الأمة الخشوع، حتى لا ترى فيها خاشعًا".

يقول الباحث: تجد من متَّعه الله بحظ وافر من العلم، وهيَّأ له أسباب نشره وبثه، ولكن فيه جلافة وقسوة، إما على عموم الناس، وإما على إخوانه الدعـاة الـذيـن يـخـالفـونه في أساليب الدعـوة، وكـان حـريًا بهذا الداعيـة أن يكون لطيفًا مع الناس، ودودًا لينا مع أقرانه ورفاق دربه؛ إذ في الرفق والتودد واللين من دواعي الجذب إلى طريق الخير والهـدى مـثـل ما في الشـدة والفظاظة والعبوس من دواعي التنفير.

ثم ختم الباحث بنصيحة جميلة للدعاة فقال: "فلا خلاص من هذه الرذائل إلا بعـزمـة صـدق يكتـال معها المؤمن من فيوضات الرحمة ما يلين قلبه، فينتفض على الرعونات المستولية، ويقطع حبال التحريش وسوء الظن، وذلك حين يصبح له في المسجـد خلوة يتنقل بين أسطواناته يمرغ وجـهـه تارة، ويرطب لسـانـه بالذكـر تـارة، ويتغنى بالحـوامـيم تارات، ثم ينقلب إلى المقابر يستنهض من عبرة رفاتها حياة قلبه، وتكون له في وقت نزول الرب سبحانه تملقات تكسب وجـهـه الضيـاء والنور، ويعكف على قراءة كتب الرقائق من كتب الحديث ومؤلفات ابن القيم كالمدارج والجواب الكافي وغيرها؛ ليكون مخموم القلب، رطب اللسان، باسم الـوجـه، منشـرح الـصـدر، مـرتـقـيـًا إلى منازل الصديقين، متصفًا «بالـفـتـوة» سماحة لا تكلفًا، وخلقًا أصيلاً لا تخلقًا، «فيحسن إلى الناس ويكف الأذى عنهم ويـحـتـمـل أذاهم ويصفح عن عثرات الإخوان، ويظهر النعمة ويخفي المحنة، ولا يدخر ولا يعتذر، ويترك الخصومة ويتغافل عن الزلة وينسى الأذية، فلا يـخـاصـم بـلـسـانـه ولا ينوي الخـصـومـة بقلبـه، وينسى إحسانه إلى من أحسن إليه حتى كأنه لم يصدر منه، ويقرب من يقصيه ويكرم من يؤذيه، ويعتذر إلى من يجني عليه سماحة لا كظمًا ومودة لا مصابرة".

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة